لماذا هاجم حميدتي دور مصر في السودان

زادت الاتّهامات التي وجهها قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى مصر بشأن تورطها في الحرب في السودان من حدة التوترات في منطقة القرن الإفريقي، والتي تعود أساسًا إلى صراع النفوذ بين مصر وإثيوبيا في المنطقة، وضاعف من حدتها دخول قوى إقليمية أخرى وتورطها في الصراع، خاصة الإمارات.

ومن شأن اتهام حميدتي للقاهرة بالتورط في الحرب وتقديم دعم عسكري للجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو ما نفته القاهرة، أن يجعل من السودان ساحة خلفية لهذا الصراع المتنامي في القرن الإفريقي والذي تظل بؤرته حتى الآن في الصومال وبالضبط على ساحل البحر الأحمر.

وجاء خطاب حميدتي الأخير ضد القاهرة تزامناً مع زيارة مهمة قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للعاصمة الإريترية أسمرة وتوقيعه على اتفاقية تعاون استراتيجي بين مصر وإريتريا والصومال، في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وتضمن الاتفاق تطوير وتعميق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تعزيز إمكانيات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وتمكين الجيش الفيدرالي من التصدي للإرهاب بكافة صوره، وحماية حدوده البرية والبحرية، وصيانة وحدة أراضيه.

وقال بيان لقوات الدعم السريع، أحد طرفي الحرب في السودان، الجمعة 11 أكتوبر/تشرين الأول 2024، إن “سلاح الجو المصري شارك في القتال إلى جانب الجيش السوداني في قصف معسكرات قوات الدعم السريع”، وهو الأمر الذي نفته مصر.

بحسب قوات الدعم السريع، فإن مصر “سهّلت، عبر حدودها، دخول إمدادات السلاح والذخائر والطائرات والطائرات المسيرة، إذ قدمت خلال شهر أغسطس/آب 2024، ثماني طائرات (K8) للجيش وصلت القاعدة الجوية في بورتسودان، وتشارك الآن في القتال، وآخرها في معركة جبل موية”.

قال مصدر دبلوماسي مصري، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن القاهرة “لن تلتفت إلى التصريحات المرسلة من جانب مليشيا الدعم السريع، وتدرك أن تصريحات حميدتي تأتي في ظل ضغوط عديدة يعانيها في الداخل والخارج”.

كما أضاف المصدر لـ”عربي بوست” أن تصريحات حميدتي تأتي أيضاً بعد “فشله في إحكام سيطرته بشكل كامل على إقليم دارفور كما كان يهدف إلى ذلك للضغط بورقة الانفصال، إلى جانب تراجع الدعم المقدم إليه من حلفائه في الخارج بعد أن تورط في العديد من جرائم القتل والسلب والنهب”.

وقال المصدر ذاته: “نعلم جيداً أن ادعاءات قائد الدعم السريع ضد مصر في هذا التوقيت بالذات تأتي لتحقيق أكثر من هدف جميعها يصب لصالح خلط الأوراق في منطقة القرن الإفريقي”.

وأوضح أن إدخال القاهرة كطرف في الحرب يقوض جهودها لجذب الجيش والدعم السريع إلى طاولة التفاوض من خلال رئاستها مجلس السلم والأمن الإفريقي، كما أنه يضرب التقارب الحاصل مؤخراً بين القاهرة وقوى سياسية مدنية سودانية هي بالأساس تتحالف أيضاً مع حميدتي.

وأشار المصدر ذاته إلى أن القاهرة كان لديها استعداد للبناء على اجتماعات القوى السياسية وتوافقها على إنهاء الحرب السودانية في يونيو/حزيران 2024، ومع اتهامات قائد الدعم السريع فإن تلك الجهود قد تتعثر.

وقال مصدر “عربي بوست”: “إن تنسيقية (تقدم) التي يقودها رئيس الوزراء السوداني السابق، عبدالله حمدوك، لديه عداوات كبيرة مع الجيش وليس من المتوقع أن تكون مصر حاضرة بشكل مؤثر في الحلول السياسية السودانية خلال الفترة المقبلة”.

هذا الوضع يفتح في المقابل الباب لاحتمالية دخول إثيوبيا وانخراطها على نحو أكبر في الحرب سواء كان ذلك بتعزيز الدعم الذي تراجع مؤخراً لقوات الدعم السريع أو استعادة مكانتها بعد أن قادت في السابق التوافق على الوثيقة الدستورية بين المدنيين والعسكريين في السودان في أعقاب الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير.

وبحسب المصدر ذاته، فإن تصريحات حميدتي قادت للتشويش على الدور المصري في القرن الإفريقي بما يخدم إثيوبيا أيضاً، لأن حديث قائد الدعم السريع عن الانتقال إلى خطة حرب بديلة وترويجه لاستقطاب مزيد من المرتزقة “سيؤدي لاشتعال المعارك في السودان وليس السعي لوقفها”.

وأضاف المصدر أن هذا الوضع “يهدد باستمرار حالة اللاأمن في السودان لسنوات طويلة ممّا قد يتسبب في تفتيت الدولة، في حال لم يكن هناك ضغوط حقيقية عليه للموافقة على الاندماج في الجيش السوداني وإبعاده عن الإمبراطورية الاقتصادية الضخمة التي يسيطر عليها في السودان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *